المحاضرة الخامسة

الرسم البياني للفالون

 

إنّ "الفالون" (عجلة الشّرع) هو رمز مدرستنا "الفالون دافا، Falun DaFa " (الشّرع الأكبر لعجلة الشّرع). الناس المُزوّدون بقدرات القونق، يستطيعون رؤية هذا الفالون وهو في حالة دوران. ونفس الشّيء بالنسبة لهذه الرّموز الصّغيرة للفالون، هي في حالة دوران. نحن نقوم بالممارسة وفقـًا لطبـع الكون: الحقّ، الرّحمة، الصّبر الذي يقود تعهّدنا وممارستنا، ووفقـًا لقوانين تطوّر الكون، ولهذا فإنّ القونق الذي نـُمارسه هو حقـّا عظيم. بمعنى آخر فإنّ هذا الرّسم البيانيّ للفالون هُو بمثابة صورةٍ مُصغـّرةٍ للكون. إنّ مدرسة بوذا تدعو الكون "عالم الاتـّجاهات العشر": هناك الاتـّجاهات الرّئيسيّة الأربـع وأربـع اتـّجاهات مُجانبة لها، هذه إذن ثمانية، وهناك البعض يضعُ في الاعتبار وُجود عمود قونق من فوق وعمود قونق من أسفل، وباحتسابهما نصِلُ إلى نظريّة العالم ذي الاتـّجاهات العشر الذي يُمثـل الكون، إنه يُمثـل بالنسبة لمدرسة بوذا خـُلاصة الكون.   

                                                    

 بدون شكّ ، هناك مجرّات لا تـُحصى في هذا الكون بما فيها مجرّتنا نحنُ درب اللبانة. كلّ الكون في حركةٍ دائمةٍ، كلّ المجرّات التي تـُكوّنه هي أيضًا في حركة، لهذا السّبب فإنّ رموز"التاييشي، Taiji " والرّموز     الصّغيرة في هذا الرّسم البيانيّ تدُورُ أيضًا، كلّ الفالون يدور والرّمز    الكبير الموجود في الوسط يدورُ هو أيضًا. بمعنى أو بآخر، هذا الأخير يرمُـزُ إلى مجرّتنا درب اللبانة ؛ وفي نفس الوقت طريقتنا تنتمي إلى مدرسة بوذا، لذلك فإنّ علامة مدرسة بوذا موضوعة في الوسط، هذا ما يتعلـّق بشكله الظاهريّ. كلّ الموادّ على اختلافها وتنوّعها لها أشكال وُجود في عوالم أخرى، وهناك تكون مسارات تطوّرها وأشكال وجودها متنوّعة جدّا وعلى غايةٍ من التعقيد. هذه الصورة التي تـُمثل الفالون هي الصّورة المُصغـّرة للكون، وفي كلّ العوالم الأخرى أيضًا لهُ أشكال وُجوده الخاصّة به ومسارات تطوّره وتحوّله، لهذا أقولُ أنهُ عالمٌ بأسرهِ.

                                                                                                                                                                      

يستطيـعُ الفالون أن يمتصّ آليّا الطاقة المُنبعثة من الكون أثناء دَوَرانه في اتـّجاه عقارب السّاعة، وأن يبعث الطاقة أثناء دَوَرانه في الاتـّجاه المُعاكس. إنّ دَوَرانه نحو الدّاخل (في اتـّجاه عقارب السّاعة) يحملُ معه خلاص الذات للمُمارس،ودَوَرانه نحو الخارج (في الاتـّجاه المُعاكس) يحملُ معه الخلاص للآخرين، وهذه هي الخاصّية المُميّزة لطريقتـنا. البعض يتساءلون:"نحن ننتمي إلى مدرسة بوذا، لماذا إذن يُوجدُ التاييشي ؟ ألا ينتمي هذا الأخير إلى المدرسة الطاويّة ؟"ذلك أنّ القونق الذي نـُمارسه عظيمٌ حقـّا، إنه بمثابة الممارسة على نطاق كلّ الكون. تأمّلوا إذن، في هذا الكون تـُوجدُ مدرستان كُبريان: مدرسة بوذا ومدرسة الدّاوُو. لا نستطيـعُ أن نـُؤلـّف كونـًا تامّا إذا أقصينا إحداهُما، في هذه الحالة لا يمكننا القول بوُجود كون كامل. لذلك تـُوجدُ عندنا عناصر من المدرسة الطاويّة. البعض الآخر يقولون:"في هذه الحالة، لا تـُوجدُ فقط المدرسة الطاويّة بل أيضًا المسيحيّة، الكونفوشيوسيّة والدّيانات الأخرى...الخ" في هذا الصّدد دعوني أقل  لكم أنّ الكونفوشيوسيّة في أعلى  درجات ممارستها تعودُ في الواقع إلى المدرسة الطاويّة، بينما الكثيرُ من الدّيانات الغربيّة في أعلى درجات ممارستها تعودُ في الواقع إلى مدرسة بوذا، أي أنـّها تنتمي إلى نظام مدرسة بوذا. في الحقيقة لا يُوجدُ سوى هذين النـّـظامين الكُبرَيَـيْن.                                                                                                          

                                                   

لماذا نجدُ في الرّسم البيانيّ للـتاييشي، رمزَيْ تاييشي اثنين أحمرين من فوق وأزرقين من أسفل وأخريَـيْن أحمرين من فوق وأسودين من أسفل ؟ حسب المعارف العامّة، يتكوّن الـتاييشي من مادّتين: واحدة بيضاء والأخرى سوداء وهما تشي  اليين  وتشي  اليانق. هذا يُعتبرُ معرفة  سطحيّة  جدّا، لأنه في مُختلف العوالم لهما أشكال وجودهما الخاصّة بهذه العوالم. في أعلى مُستوى على الإطلاق، ألوانهما هي نفسُها المُـتمثـّـلة عندنا. ورمز الدّاوو الذي نتحدّث عنه في المُعتاد، يكون قسمُهُ العلويّ أحمر اللـّون وقسمه السفليّ أسودًا. فلنذكُرْ مثالاً لِنـُوضّح المسألة: البعض منـّا ممّن عينه الثالثة مفتوحة، يُلاحظ أنّ ما يراهُ بعينه أحمر اللـّون يُرى في عالم آخر بفارق مُستوى واحدٍ لا غير أخضـر اللـّون. أمّا اللـّّون الذهبي فـيُرى هناك بنفسجيّـا. يُوجدُ هذا التــّـقابل في الألوان، أي أنّ الألوان تتغيّـرُ بتغيّـر العوالم. إنّ التاييشي الحُمْر في الأعلى والزّرق في الأسفل تندرجُ ضمن مدرسة "الطريـق الطـاويّـة الأصـليّـة الكُـبرى" (سيـان تيـان دا داوُو،xian tian da dao ) التي تضُمّ أيضًا طريقة "البوّابة الخاصّـة" فـي التعهّد والممارسة (تشـي مـان شيوليـن فامـان). إنّ الرّموز     الأربعة الصّـغيرة المُوزّعة على الاتـّجاهات الأربـعة الرئيسـيّة مصدرُها المدرسة البوذيّة ونفس الشّـيء بالنسبة للـرّمز     الأوسط، كلـّها قادمـة من المدرسـة البوذيّـة. أمّـا ألوان هـذا الفالون فـهي مُشعّـة نسبيّـا لذلك نـتـّـخذه شـعـارًا لمدرستـنا الفالون دافـا.

                                                              

 إنّ الفالون الذي نراهُ عن طريق التيانمو ليس بالضّرورة بهذا اللـّون. إنّ لونهُ يُمكنُ أن يتغيّر ولكنّ شكلهُ لا يتغيّر. أثناء دوران الفالون الذي وضعتـُهُ في منطقة أسفل البطن في جسم كلّ واحد منكم، سوف ترَونهُ عبر التيانمو رُبّما أحمرًا أو بنفسجيّا أو أخضرًا أو بدون لون. بالفعل، سيتغيّرُ لونُ خلفيّته ويكونُ تارة ً أحمرًا وتارة ً برتقاليّا وتارة ً أخرى أصفرًا أو أخضرًا أو أزرقــًا أو نيليّا أو بنفسجيّا، لذلك يُمكن أن تـُشاهدوهُ بمُختلف الألوان، أمّا ألوان وأشكال الرّموز    والتاييشي فإنها لن تتغيّر. لقد رأينا أنّ هذا اللون الخلفيّ جميل ومُشرق لذلك وقع اختيارنا عليه. أولئك المُـزوّدون بقدرات قونق يستطيعون أن يتجاوزُوا هذا العالم الأرضيّ ويَرَوْا أشياء أخرى كثيرة.    

                                                                                       

البعض لاحَظَ أنّ هذا الرّمز    يُذكّـرُنا بشعار"هتلر". وأنا أقولُ لكم أنّ هذه العلامة في ذاتها لا تحملُ أيّ دلالة طبقيّة. البعضُ يقولُ: "لو أنّ هذه الفروع كانت مُوجّهة إلى الناحية الأخرى لكان هُو شعار هتلر تمامًا". المسألة لا تكمُن هناك بما أنّ هذا الرّمز يدورُ في الاتـّجاهين. المسألة تكمُن في أنّ هذه العلامة معروفة في المُجتمع الإنسانيّ منذ ألفين وخمسمائة سنة، منذ عهد ساكياموني ؛ بينما هتلر والحرب العالميّة الثانية لا يرجعُ عهدُهما سوى إلى بعض العقود من  السّـنين، في الحقيقة إنّ هتلر هو الذي قام بسرقة الشّعار وتقليده، يبقى أنّ شعارنا وشعاره يختلفان فشعارُهُ أسود اللون ثمّ إنهُ يُمثلهُ مُـنتصبًا عموديّا على خطه القطريّ وحدّ أحد فرُوعِهِ مُسدّدٌ نحو الأعلى. فلنتوقف عند هذا الحدّ بخـُصوص الفالون عِلمًا وأننا لم نتطرّق في حديثنا سوى إلى شكله الظاهري.

                                                                                    

كيف ترى البوذيّة الرّمز   ؟ البعضُ يقولُ أنـّهُ علامة يُمن وبرَكَةٍ، ولكنّ هذا لا يعدُو أن يكون وجهة نظر أناس عاديّين. هاأنذا أقولُ لكُم، إنّ الرّمز     هُو دلالة على مرتبة بوذا. لا يملِكُ هذا الرّمز إلاّ من بَـلغ درجة بوذا. في العادة لا يملِكُهُ مثلاً البودهيساتفا والأرهات ولكن هذا لا يمنعُ أنّ بودهيساتفا عِظامًا مثل البودهيساتفا الأربعة الكِبار يملكونه. نحنُ نـُُلاحِظ أنّ هؤُلاء البودهيساتفا الكِبار يفوقون بدرجات كثيرة درجة البوذا العاديّين، بل إنـّهم يفوقون حتى درجة التاتهاقاتا. إنّ البوذا الذين تجاوزُوا مُستوى التاتهاقاتا لا حصْرَ لهُم. إنّ التاتهاقاتا لا يملكُ سوى رمز     واحِدًا، وعندما يتجاوَزُ مُستوى التاتهاقاتا، ذلك الرّمز    يتكاثرُ. عندما يتجاوُزُهُ بدرجةٍ يُصبِحُ هناك رمز    اثنان، وعندما يتجاوُزُهُ بدرجة أخرى يُصبِحُ هناك ثلاثة، أربعة، خمسة... وُصُولاً إلى عددٍ يُمكنُ أن يُغطي كامل الجسم. فهذه الرّموز يُمكن أن تظهر في الرّأس، في الكتفين والرّكبتين، وإن لم تتمكّن هذه الأمكنة من احتوائِها كُلـّها، فإنها تظهَرُ على راحتيْ اليديْن، تحت الأصابـع، على أكـُفّ القدمين وأسفل أصابـع القدمين. وتبَعًا للارتقاء المُـتواصل في المرتبة، لا يكُفّ رمز    عن التزايُد. وهكذا تـُمثل رُموز     علامة مرتبة بوذا، كلـّما كانت هذه المرتبة مُرتفعة، كلـّما كان يملِكُ رُموز    .

 

 

طريقة البوابة الخاصة "تشي مان قونق فا،  Qi men gong Fa "                            

 

بالإضافة إلى طريقة مدرسة بوذا ومدرسة الداوُو، توجدُ أيضًا طريقة البوّابة الخاصّة (تشي مان قونق فا) والتي تـُسمّى أيضًا شيولين البوّابة الخاصّة (تشي مان شيولين،Qi men xiulian ). بخُصوص طرق الشّيولين، هناك لدى الناس العاديّين رأي قائم الذات منذ العهد الصّينيّ القديم وإلى يومنا هذا: وهو أنّ طرق مدرستي بوذا والدّاوو هي طرق شيولين أورتودوكسيّة (مستقيمة وصارمة) وهي تـُدعى أيضًا شيولين الطرق القويمة. طريقة البوّابة الخاصّة هذه لم يتمّ أبدًا نشرُها وسط العامّة وقلة قليلة من الناس يعلمون بوُجودها، ولا نجدُ ذكرها سوى في الآثار الفنـّية والأدبيّة.

 

وهل توجد طريقة البوّابة الخاصّة في أيّامنا هذه ؟ بدون شكّ. أثناء تعهّدي وممارستي، وخاصّة ً في السّـنين الأخيرة، التقيتُ بثلاثة مُعلمين كبار من طريقة البوّابة الخاصّة، وقد بلـّغوني خـُلاصة طريقتهم، والتي هي مُتفرّدة فعلا وجيّدة جدّا. ولكن نظرًا إلى أنّ طريقة عملهم خاصّة جدّا، فإنّ نتيجة الممارسة تبدُو غريبة نوعًا مّا ولا تـُدركـُها أفهام أغلب الناس. ثمّ إنهم يُعلنون ما يلي: "لا بوذا ولا داوُو" (فاي فو فاي داوو، Fei Fo fei Dao )، ليس هدف العمل الرّوحيّ أن يُصبح المرءُ بوذا ولا أن يلتحق بطريق الدّاوو. عندما عرف الناس أنهم لا يتعهّدون بوذا ولا الدّاوو، نعتوا طريقتهم بـ:"البوّابة الجانبيّة" أو "طريق يساريّة" (بانقمان تسوو داوو، Pangmen zuodao ). أمّا هم فـيُسمّون طريقتهم "الطريقة الخاصّة". في الحقيقة تسمية "بانقمان تسو داوو" تكتسي صبغة انتقاص ولكنـّها ليست سلبيّة، إذ لا نعني هـُـنا أنـّها طريق شيطانيّة، هذا أكيد. حتى بالمعنى الحرفيّ للكلمة لا شيء يدُلّ على كونها طريقـًا شيطانيّة ً. منذ القـِدَم، يُعتبرُ طريق بوذا والدّاوو تعهّدًا وممارسة ً في الطريق المُستقيم، بينما ذلك النوع من الطرق التي يجهلـُها الجميـع تـُدعى "بانقمان" (بوّابة جانبيّة) أي أنها تـُمثـّـل بابًا جانبيّا وليست مدرسة شرع أورتودوكسيّة. وما معنى "تسوو داوو" (طريق يساريّة) ؟ يساريّة هنا بمعنى مُـلتوية : طريق مُـلتوية. "يساريّ" في اللغة الصّينيّة القديمة تعني غالبًا : مُلتوي، مُتعثـّر. هذا هو تفسير"بوّابة جانبيّة" و"طريق يساريّة".

 

ولماذا ليست هي بالطريق الشّيطانيّة ؟ لأنّ لها أيضًا شروطها الصّارمة بخصوص السين سينغ ؛ والتعهّد والممارسة في رِحابها يتمّان هما أيضًا وِفق صفات الكون، إنـّها لا تخرقُ طبيعة هذا الكون ولا نامُوسَهُ، وهي لا تقودُ إلى ارتكاب أعمال سيّئة، لذلك لا يجبُ اعتبارُها طريقـًا شيطانيّة . بالفعل، ليست طبيعة كوننا هي التي تمتـثـِلُ لطرق شيولين بوذا والدّاوو بل طرق شيولين بوذا والدّاوو هي التي تمتـثـِلُ للطبيعة الخاصّة للكون وهكذا هي تـُجسّدُ الشّرع الحقّ. إن كان شيولين طريقة البوّابة الخاصّة يتـّـفق في طبعه مع طبـع الكون، لا ينبغي إلحاقهُ بالممارسة الشّيطانيّة. هو أيضًا شرعٌ حقّ. لأنّ الطبيعة الخاصّة بالكون هي المقياس والمرجع لتحديد ما هو الخير وما هو الشّر، ما هو الجيّد وماهو السّيّء. حينما تـُملي هذه الطريقة تعهّدها وممارستها حسب طبيعة الكون، فهي تسيرُ على المنهج الصّحيـح. يبقى أنّ شروطها وخاصّياتها تختلفُ عن شُروط وخاصّيات مدارس بوذا والدّاوو. إنها لا تتولـّى تلقين تعاليمها للمُريدين على نطاق واسع، بل فقط لعددٍ صغير من الناس. بينما مدرسة الدّاوو تتـّـخذ عددًا كبيرًا من المُريدين، ولكنها تـُلقـّنُ واحدًا فقط من بينهم المعرفة الحقيقيّة. أمّا مدرسة بوذا فتتكلمُ عن تخليص جميـع كائنات الكون، إذن من لهُ القدرة على التعهّد والممارسة فلْــيَفـْعلْ.

 

إنّ طريقة البوّابة الخاصّة لايتمّ تلقينـُها أبدًا لأكثر من فردٍ واحدٍ يكونُ مُختارًا عبر فترةٍ زمنيّةٍ طويلةٍ جدّا، لذلك، على مرّ العصور، لم يَـرَ الناس العاديّون ما يتعلـّقُ بهذه الطريقة. بالطبع  أثناء موجة التشيكونق الكُبرى، لاحظتُ أنّ عددًا قليلاً من أفراد هذه المدرسة غادروا خلواتِهم لينشُروا طرقهم. ولكن إثر مُضيّ بعض الوقت على هذا النـّشر بين العامّة، اصطدمُوا بوضعيّة مُستحيلة، لأنّ مُعلـّمهم لا يسمحُ لهم بتاتـًا بالكشف عن بعض الأشياء. إن كُنتم تـُريدون نشر طريقةٍ مّا بين العامّة، فإنكم لن تستطيعُوا التمييز بين التلاميذ ؛ إنّ الناس الذين يأتون للتـّعلـّم نجدُ طبيعة أخلاقهم ونفوسهم تقعُ على مُستويات مُختلفة كلّ الاختلاف. إنكم بإزاء ناس من أصنافٍ مُختلفةٍ، وبإزاء مفاهيم مُتنوّعة أشدّ التـّنوّع لذلك لا تستطيعون اختيار المُريدين. لذلك فإنّ نشر طريقة البوّابة الخاصّة مُستحيل، إنه يعني المُجازفة بعدّة أشياء، لأنّ ما تـُفضي إليه خاصّ جدّا.

 

البعض يتساءلُ: "إن كانت مدرسة بوذا تهدِفُ لبلوغ مرتبة بوذا، والمدرسة الطاويّة تهدِفُ لتكوين "الإنسان الحقّ"، إذن ماذا يُمكن لتلميذ طريقة البوّابة الخاصّة أن يبلـُغهُ عبر الشّيولين ؟" سيصيرُ "سماويّا خالدًا حُرّا" (سان سيان، San xian ) لا يملِكُ عالمًا مُحدّدًا في الكون. الكُلّ يعلمُ أنّ البوذا تاتهاقاتا ساكياموني يملِكُ عالمهُ "السّووبو، Suopo " والبوذا أميتابها عالم السّعادة الكاملة، والبوذا بهايشاياقورو عالم اللاّزورد ؛ كلّ من التاتهاقاتا والبُوذا الكِبار له مملكته السّماويّة التي أشرف بنفسه على تنظيمها وحيثُ يعيشُ الكثير من مُريديه. ولكن من ينبثقُ من طريقة البوّابة الخاصّة لا يملِكُ عالمًا مُحدّدًا، هؤلاء سيعيشون كسماويّين خالدين أحرار ومُتحقـّـقين هائمين.

 

 

 ممارسة الطريق الشيطانية

 

ماهي ممارسة الطريق الشيطانيّة ؟ إنها تكتسي أشكالاً عديدة ً: هناك أناسٌ مُتخصّصون في ممارسة الطريق الشيطانيّة، لأنّ هذه الأخيرة هي أيضًا تمّ تلقينـُها وتناقلـُها عبر الزّمن. ولماذا تمّ تلقينها ؟ لأنّ البعض يسعوْن وراء الشّهرة، الرّبح والثروة وسط الناس العاديّين، وهذا ما يهدفون إليه. من المُؤكّد أنّ طبيعة نفوسهم وأخلاقهم غير عالية، وهم لا يستطيعون إذن تحصيل القونق. ماذا بإمكانهم أن يُحصّـلوا إذن ؟ الكارما. عندما تصبح كارما الإنسان ثقيلة جدّا، فهي تستطيـعُ أن تكوّن نوعًا من الطاقة أيضًا. رغم ذلك ليس لديهم أيّ مُستوىً ولا يُمكن مُقارنتهم بممارس القونق، ولكنهم يستطيعون اكتساب نفوذٍ على الناس العاديّين. لأن هذا الشيء يتمثل أيضًا في طاقة، عندما تكون كثافتها كبيرة، يُمكنها كذلك أن تقوّي قدرات وخوارق القونق في جسم الإنسان، نعم يُمكن أن يكون لها هذا المفعول ؛ لذلك يتناقـلُ البعض منذ القديم المقولة التالية: "عندما أقوم بأفعال الشرّ، عندما أتلفـّـظ بشتائم، أستطيـعُ أن أنمّي القونق". في الحقيقة ليس القونق هو الذي ينمو، وإنما كثافة المادّة السّوداء هي التي تنمو، لأنّ ارتكاب السّيئات ما يتولـّدُ عنه هو المادّة السّوداء – الكارما. وانطلاقــًا من ذلك، هذه الكارما يُمكن أن تـُدعّم قدراتهم الصّغرى التي يملكونها منذ الولادة ؛ وهكذا تنمو عندهم قدرات قونق صغيرة، وليس بإمكانهم استخدامُها للقيام بأشياء كبيرة. الأشخاص من هذا النوع يعتبرون أنّ ارتكاب الأفعال السّيئة من شأنه أن يُـنمّي القونق، هذا ما يظنـّونهُ.

 

بعضهم يقولُ: "عندما يرتفعُ الطريق قدمًا، يتجاوزه الشّيطان بقامةٍ". لا يعدو هذا أن يكون هرطقة ً مُشاعة ً بين الناس العاديّين، إنّ الشّيطان لا يستطيـع أبدًا أن يتجاوز الطريق. هذا لأنّ الكون الذي تعرفه الإنسانيّة ليس غير كون صغير ضمن أكوان لا حصرَ لها، ونحنُ ندعوه ببساطةٍ "الكون". أثناء العُصور الزمنيّة الكبيرة وبصفة دوريّةٍ تعصفُ كارثة كونيّة بكوننا هذا. هذه الكارثة يُمكن أن تـُدمّرَ كلّ ما في الكون، بما في ذلك الكواكب، كلّ أشكال الحياة في الكون يُمكن أن تـُدَمّرَ. إنّ حركة الكون تسيرُ أيضًا وفق قوانين. في الدّورة الزمنيّة الحاليّة وفي كوننا هذا، ليست الإنسانيّة وحدها هي التي شذت عن السّبيل السويّ وفسَدَت ؛ العديد من أشكال الحياة الأخرى شهدت هذه الظاهرة: حاليّا لقد وقع انفجار عظيم في فضاء هذا الكون. الفلكيّون لا يستطيعون أن يرَوْهُ بعدُ، لأنه حتـّى وبالاعتماد على أدقّ منظار فضائيّ، لا نستطيـعُ اليوم أن نرَى سوى ما حدثَ منذ مائة وخمسين ألف سنةٍ ضوئيّةٍ. فإن كنـّا نـُريدُ مشاهدة التغيّرات الحاليّة للجسم الكونيّ، علينا أن ننتظر مائة وخمسين ألف سنة ضوئيّة، وهو زمنٌ طويلٌ إلى أبعد حدّ.

 

حاليّا، كلّ الكون يشهدُ تغيّرًا عظيمًا ؛ في كلّ مرّة حدث فيها هذا التـغيّـر، كلّ أشكال الحياة في الكون بأسرهِ تتـمّ إبادتـُها وإفناؤها، إفناؤها تمامًا. في كلّ مرّة، ما كان يختصّ به الكون السّابق وكلّ ما كان يضمّه وَجَبَ أن يُفـَجّرَ ويُدَمّرَ، أغلبيّة الحياتات تـُـدَمّرُ بواسطة الانفجار. ورغم ذلك،  تبَيّنَ في الماضي أنّ هناك حياتات بقيت رغم كلّ شيءٍ. عندما يتِمّ تكوين كون جديدٍ من قِبل المُتحققين الكبار ذوي الدّرجات المُـتناهية في العُلوّ، يُوجد هناك رغم كلّ شيء ناجُون من الانفجار بقوا على قيد الحياة. المُتحققون الكبار يصُوغون الكون وفق خاصّياتهم ومقاييسهم الخاصّة، ممّا يجعلُ من طبيعة الكون الجديد مُختلفة عن سابقـتها.

 

 أولئك الذين لم يهلكوا في الانفجار، يتصرّفون في الكون حسب الخاصّيات التي كانت تـُوجد فيما قبلُ ومُـتـّبعين القوانين السّابقة. بينما الكون الذي أنشِأ حديثـًا يتصرّفُ حسب خاصّياته الجديدة ويستجيبُ للأنظمة الكونيّة الجديدة. وهذا ينتـُجُ عنه أنّ من لم يموتوا في الانفجار يُصبحون شياطين يُعطـّـلون نظام هذا الكون. ولكنهم ليسوا سيّئين بالأساس، هم فقط يتصرّفون حسب خاصّيات الكون في الدّورة الزمنيّة السّابقة، إنّ هؤلاء هم الذين نـُسمّيهم "شياطين السّماء". ولكنهم لا يُشكّـلون أيّ خطر على الناس العاديّين ولا يُـلحقون أبدًا الضّرر بالإنسان، هم فقط يسيرون وفق قواعدهم وقوانينهم الخاصّة. في السّابق، لم يكن مسموحًا للناس العاديّين أن يطـّـلِعوا على كلّ هذا، ها أنذا أقولُ لكم: هناك عدد كبيرٌ من البوذا الذين تجاوزوا مرتبة تاتهاقاتا،   وبالمُقارنة معهم فإنّ هؤلاء الشياطين السّماويّين ضئيلون ولا يُحتـَسَبُ عددهم. الشّيخوخة والمرض والموت هي أيضًا نوعٌ منالشياطين، ولكنها موجودة لتـُحافظ على طبيعة الكون.

 

تتحدّث البوذيّة عن سامسارا الدّروب الستـّـة، وتذكر مسألة درب "الآشورا،Asuras  "، في الواقع هم كائنات تعيشُ في بُعدٍ مختلفٍ ولكنهم لا يملكون طبيعة ً إنسانيّة ً. في نظر المتحققين الكبار، هم في مستوى سفليّ جدّا ومُجرّدون من كلّ قوّة، أمّا في نظر الناس العاديّين يُمكن أن يبدوا مُرعبين، فهم مُزوّدون بكمّية من الطاقة، وهم يعتبرون الناس العاديّين حيواناتٍ لذلك يُحبّون أكلهم. في هذه السّـنوات الأخيرة، ظهروا هم أيضًا لتعليم طرقهم. ولكن أيّ مخلوقاتٍ هم ؟ انظروا إلى وجوههم، هل يُمكن أن يُشبهوا كائنات بشريّة ؟ إنّ ذلك مُريـعٌ حقـّا، كلّ من يتعلـّم طريقتهم يجب أن يذهب معهم إلى عالمهم ويصيرَ مثلهم.  بعضهم ليس لديه تفكير مستقيم أثناء ممارسته ؛ عندما تتـّـفق أفكاره مع أفكار هؤلاء الكائنات، فإنهم يأتون لتلقينه. فكرة مُستقيمة واحدة تغلِبُ مائة ً من الشّرور ؛ عندما لا تسعوْن وراء أيّ مأرب شخصيّ، لا أحد سيجرُؤُ على إزعاجكم. إن كانت الأفكار الشّيطانيّة هي التي تـُحرّككم، إن كنتم تسعوْن وراء أشياء سيّئة، سيأتون لمساعدتكم، وستتـّجهُ ممارستكم في المنحى الشّيطانيّ، هذا ما يمكن أن يحدُثَ.

 

يوجدُ أيضًا ما يمكن أن نسمّيه الممارسة اللاّواعية للطريق الشيطانيّة. ماهي الممارسة اللاّواعية للطريق الشيطانيّة ؟ إنها ممارسة الطريق الشيطانيّة بدون إدراك. وهذا واردٌ جدّا بل شائع ومنتشر حقـّا. مثلما قلتُ في اليوم الفارط، الكثير يقومون بالممارسة وفي أذهانهم أفكار سيّئة ؛ إننا نراهم يقومون بالتـّمارين وُقوفـًا، أيديهم ترتعش من أثر التعب وأرجلهم أيضًا. ولكنّ رؤوسهم تعُجّ بشتـّى المشاغل، هاهُم يُفكّرون: "الأسعار على وشك الارتفاع، يجب أن أذهب للقيام ببعض المُشتريات، سأذهب مباشرة إثر الممارسة وإلاّ سوف يشملـُـني ارتفاع الأسعار." البعض الآخر يُفكّر: "لقد بدؤوا في توزيـع مساكن في مُؤسّسة عملي، هل سيكون لي فيها نصيب ؟ إنّ علاقتي ليست طيّبة مع المُوظف المُكلـّف بهذه العمليّة." ومع مواصلة التفكير في ذلك، يتصاعدُ غضبه شيئـًا فشيئـًا، "لن يُعطيني شيئًا، هذا أكيد، كيف يمكنني أن أتصدّى له ؟" مُختلف الأفكار تجول بأذهانهم. ومثلما قلتُ، يجترّون من الدّاخل مواضيـع شتـّى انطلاقــًا من العائلة والحياة الزوجيّة وُصولاً إلى الأحداث الدّوليّة الكُبرى.

 

ممارسة القونق تستوجبُ إيلاء كلّ الاهتمام للفضيلة (دو) ؛ عند الممارسة، إن لم تكن لكم أفكار طيّبة، فعلى الأقلّ لا تـُفكّروا أفكارًا سيّئة، والأفضل هو عدم التفكير في أيّ شيء. لأنه يجبُ تأسيس قواعد أثناء مرحلة الممارسة في الدّرجة الدنيا، وهذه القواعد تضطلعُ بوظيفة محوريّة وأساسيّة، لأنّ النشاط الفكريّ للممارس يلعبُ دورًا هامّا. فكّروا، ماذا ستضيفون للقونق الذي بحوزتكم ؟ كيف سيكون ما ستـُحصّـلونه عبر الممارسة طيّبـًا ؟ كيف لا يكون أسودًا ؟ وكم هو عدد الذين يتوصّـلون للقيام بالممارسة بدون أن يترُكوا منفذاً لهذا النوع من الأفكار ؟ لماذا لم تتوصّل ممارستكم إلى تحسين حالتكم الصحيّة ؟ البعض لا يُفكّرون أفكارًا سيّئة أثناء الممارسة ولكنّ دماغهم لا يتوقّف عن النشاط، إنهم يتطلـّعون بحرص إلى تحصيل قدرات القونق، إلى تحصيل العديد من الأشياء، لديهم شتـّى التـعلـّقات وشتـّى الرغبات العارمة. في حقيقة الأمر هُم يتـّخذون بدون أن يشعُروا منهج ممارسة الطريق الشّيطانيّة ؛ لو تقولون لهم أنهم يُمارسون الطريق الشيطانيّة، سيستاءون: "لقد تتلمذتُ على يديْ معلـّم التشيكونق الكبير فلان أوفلان." ولكن هذا المعلـّم الكبير يُوصي بالاعتناء جيّدًا بالفضيلة، فهل طبّقتم ذلك أم لا ؟ أثناء الممارسة ها أنكم تجمعون معها الأفكار السيّئة دائمًا، كيف ستستخلصون منها شيئًا جيّدًا ؟ هنا يكمُن المشكل، هذا ينتمي إلى الممارسة اللاّواعية للطريق الشيطانيّة، وهي ظاهرة واردة جدّا.

 

 

 

التعهد المشترك بين الرجل والمرأة "نانــّو شوانق شيو،Nannü shuang xiu "

                            

 في أوساط الشيولين، توجد طريقة تـُدعى "نانـّو شوانق شيو" (التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة). ربّما لاحظتم في طريقة شيولين المدرسة الباطنيّة التـّيبتيّة على التماثيل وصُور بوذا رجلاً يقوم بالتعهّد والممارسة وهو يُعانق امرأة ً. يكون الرّجل مُمَـثـّلاً أحيانـًا في هيئة بوذا، وهو يُمسك بين أحضانه امرأة عارية ً تمامًا ؛ ونجدُ أحيانـًا بَـدَلاً من أبدال بوذا (أفاتارا، Avatar ) وقد استحال إلى صورة "فاجرا، Vajra " ذي رأس الثور ومنخر الحصان وهو أيضًا يحمل بين ذراعيه امرأة عارية ً تمامًا. لِمَ هذا ؟ أوّلاً، إليكم بعض التـّوضيحات في هذا الشأن. ليست الصّين وحدها هي التي تحت تأثير الكونفوشيوسيّة، بل منذ عدّة قرون خـَـلـَت على الأرض، كلّ الإنسانيّة كانت لديها تقريبـًا نفس القواعد والحدود الأخلاقيّة. ولهذا، في الحقيقة هذا النوع من طرق الشّيولين موطنه الأصليّ ليس الأرض وإنـّما هو قادم من كوكب آخر، ولكن صحيـح أنّ هذه الطريقة تـُمكّن حقـّا من التعهّد والممارسة. وعندما أدخِلت طريقة الشيولين هذه إلى الصّين، رفضها الصينيّون بسبب تعارضها مع مبادئهم الأخلاقيّة وبسبب بعض الممارسات الباطنيّة ؛ وهكذا تمّ تحريمها في رُبوع الهان من قِبل الامبراطور وذلك في أعوام هويشانق وفي ظلّ الأسرة الحاكمة التانق وكانت تـُسمّى آنذاك "مدرسة التانق الباطنيّة". ولكن في التـّيبت، في تلك الأرض الخاصّة وفي ذلك المُحيط الخاصّ، انتشرت وإلى يومنا هذا. لماذا يقومون بالتعهّد والممارسة بتلك الطريقة ؟ إنّ التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة الهدفُ منه هو جمع "اليين،  "Yin  لإكمال "اليانق، Yang " وجمع اليانق لإكمال اليين، وهكذا يُكمّـل كلّ طرفٍ الطرف الآخر وتكونُ الممارسة مُتبادلة من أجل الحصول على التـّوازن بين اليين واليانق.

 

الكلّ يعلمُ أنّ المدرسة البوذيّة والمدرسة الطاويّة (وخُصوصًا المدرسة الطاويّة) تتحدّث كلاهما عن نظريّة اليين واليانق. اليين واليانق يتواجدان داخل الجسم البشريّ. وبفضل هذا التـّواجد يُصبحُ ممكنـًا بواسطة الشيولين الحصول على مُختلف أنواع قدرات القونق وخلق كائنات وأشكال حياة مثل المولودالأصليّ، والطفل الرّضيـع، وأجسام الشّرع وغيرها. بفضل اليين واليانق يُولـّد الشيولين الكثير من الكائنات الحيّة. إن يكن الجسد الفيزيائيّ مُذكّرا أم مُؤنـّثا، في كلتا الحالتين، يُمكن لتلك الموجودات أن تتكوّنَ في ذلك الحقل، حقل الإكسير، وهذا منطقيّ للغاية.  في المدرسة الطاويّة، عادة ً ما يُعتبَرُ النصف الأعلى من البدن يانق (مُذكّر) والنصف الأسفل يين (مُؤنـّث) ؛ البعض يعتبر أنّ الظهر يانق والجهة الأماميّة يين ؛ البعض الآخر يرى أنّ النصف الأيسر من البدن يانق والنصف الأيمن يين. في الصّين، يُقالُ أنّ الشّمال مُذكّر واليمين مُؤنـّث، وهذا ينبعُ أيضًا من نفس النظريّة، وهو منطقيّ جدّا. بما أنّ اليين واليانق يُوجدان في الأصل في كلّ جسم بشريّ، فيُمكن بتفاعُـلهما بلوغ توازن اليين واليانق الذاتيّ و تكوين العديد، العديد من الكائنات الحيّة.

 

هذا يـُبرهن على أنّ تعهّدنا وممارستنا يُمكن أن يبلغا مستوىً عال جدّا بدون أن يكون هناك داع للـّجوء إلى طريقةٍ تنـُصّ على التعهّد المشترك بين الرّجل والمرأة. لو نتـّخذ هذه الطريقة للتعهّد والممارسة ونـُمارسها ولا نتحكّم فيها جيّدًا، يتهدّدُنا خطر الانزلاق في المسلك الشيطانيّ، وستـُصبحُ حينئذٍ طريقة شيطانيّة. في مستوىً عال جدّا من الطريقة الباطنيّة، إذا أردنا استعمال التعهّد المشترك للرّجل والمرأة، يجبُ أن يكون الرّاهبُ أو اللاّما قد بلغ درجة عالية جدّا في الشّيولين. إذن فهو يقومُ بهذا النوع من التعهّد تحت إمرة مُعلـّمه. وبما أنّ درجة طبيعته النفسيّة والأخلاقيّة عالية جدّا، فهو قادرعلى التحكّم في نفسه، وعدم الانزلاق في ممارسة شيطانيّة. بالنسبة لإنسان تكون طبيعته النفسيّة والأخلاقيّة مُـتدنـّية جدّا، يتحتـّم عليه أن يبتعد عن هذه الطريقة، فإن هو توخّاها، من الأكيد أنه سيسيرُ في الطريق الشّيطانيّة. بما أنّ طبيعته الأخلاقيّة محدودة، فحالته النفسيّة والذهنيّة هي تلك التي لدى الناس العاديّين، وهو لا يزالُ في قبضة الرّغبات والشهوات الجنسيّة. مقياس طبيعته الأخلاقيّة يقـِفُ عند ذلك الحدّ، فلا مفرّ من أن يستعمل هذه الطريقة استعمالاً شاذا وشيطانيّا. إذن نـُكرّرُ ما قلناهُ، تلقين هذه الطريقة ببساطة وبدون تمعّن لأشخاص من مُستوًى مُتدنّ يُساوي تلقين طريقة شيطانيّة.

 

في هذه السّـنوات الأخيرة هناك أيضا العديدُ من مُعلـّمي التشيكونق الذين مرّرُوا طريقة التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة. ما الغريبُ في ذلك ؟ في إطار المدرسة الطاويّة، لاحظنا أيضًا انبثاق طرق ٍ في التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة، وهذا الأمرُ ليس حديث عهدٍ بل يعودُ لعصر التانق. كيف للطريقة الطاويّة أن تـُفسِـحَ المجال لممارسات مماثلة ؟ إنّ مبدأ التاييشي الطاويّ ينـُصّ على أنّ الجسم البشريّ كونٌ مُصغـّرٌ وهو بذاته يحتوي على اليين واليانق. كلّ الشّرائع الحقيقيّة الكُبرى المارّة عبر سلسلة تبليـغ حقيقيّة، عَبَرت فتراتٍ زمنيّة طويلة جدّا قبل أن تصِل إلينا اليوم ؛ تحريف مذهب وإعادة صياغته حسب الهوى الشّخصيّ أو إضافة أيّ شيء إليه كيفما اتـّـفق ينتـُجُ عنه إدخال اضطراب على هذا المذهب إلى درجةٍ تجعلـُه غير صالح لإكمال الشيولين بنجاح. لذا إن لم تكُن الطريقة تنـُصّ على التعهّد المُشترك بين الرّجل والمرأة، فلا ينبغي إذن القيام بهذه الممارسة، وإلاّ سقطتم في الانحراف وتعرّضتم لمشاكل. في فامان الفالون دافا، نحن نـُقصي تمامًا هذه الممارسة ولا نتحدّث عنها. هذا رأيُنا في الموضوع.

 

 

 

التعهد المزدوج للروح والجسد (الطـبيعة الأخلاقية والحياة)"سينغ مينغ شوانق شيو، Xing ming shuang xiu "

                                      

 

لقد سبق وأن تحدّثتُ بالتفصيل عن مسألة التعهّد المُزدوج للطبيعة الأخلاقيّة والحياة (الرّوح والجسد)، "سينغ مينغ شوانق شيو" تتمثـّـلُ في أنّ الإنسان، علاوة على تعهّد طبيعته  الأخلاقيّة والنفسيّة (السين سينغ)، يتعهّد في نفس الوقت الحياة: أي تغيّر الجسد. عند التغيّر وعندما يقعُ الإبدال التدريجيّ لخلايا الإنسان بمادّة طاقيّة عُـليا، يُصبحُ تقدّم الشّيخوخة بطيئًا. يسترجعُ الجسمُ شبابهُ، يسترجعُهُ بصفةٍ تدريجيّةٍ وهو في الآن نفسه آخذ في التغيّر حتـّى تستحيل خلاياهُ كلـّها إلى مادّة طاقيّة عُلويّة. جسم شخصٌ كهذا يستحيلُ كلـّه إلى جسم مادّي من نوع آخر تمامًا. مثل هذا الجسم قد خرج، كما قــُلتُ من العناصر الخمسة، وبما أنهُ خرج منها فهو حينئذٍ جسمٌ غير قابل للتـّـلف.

 

إنّ الشّيولين في المعبد يتعهّد فقط الطبيعة الأخلاقيّة والنفسيّة، لذلك لا يـُعيرون أهمّية لـتقنية الحركات ولتعهّد الجسد، ما يهمّهم هو النيـرفانا. بالفعل، تـُؤكّدُ الطريقة التي أسّسها ساكياموني على النيـرفانا ؛ في الحقيقة لقد كان لساكياموني شريعـة عظيمة عالية وعميقة، وكان قادرًا تمامًا على أن يُحوّل جسدهُ إلى مادّة طاقيّة عُـليـا وأن يأخـذه معهُ عندما يرحلُ. ولكنه لكيْ يُورثَ هذا النوع من الشّيولين، اتـّخذ هو نفسه طريق النيـرفانا. لماذا علـّم ساكياموني ذلك ؟ بُغية أن يتخلـّص الناسُ أكثر قدر مُمكن من روح التعلـّق، أن يتجرّدوا من كلّ شيءٍ ،حتـّى من تعلـّقهم بالجسد، وفي النهاية لا يبقى أيّ تعلـّق على الإطلاق. لِجعل الناس يبلـُغون هذه الغاية على أتمّ وجهٍ، اختار طريق النيـرفانا. لذلك سلك الرّهبان في كلّ العُصور طريق النيـرفانا. النيـرفانا تعني أنهُ بعد موت الرّاهب ومُفارقته لجسده المادّي، تمضي الرّوح الأصليّة إلى الأعلى حاملة ًمعها القونق.

 

وفي المُقابل تـُؤكّد المدرسة الطاويّة على تعهّد الجسد، لأنها تختارُ تلاميذها ولا تذكُرُ مسألة الخلاص الشّامل لكلّ سكّان الكون، أولئك الذين تـتوجّهُ إليهم هم أناسٌ من نوع ممتاز حقـّا ؛ لذلك هي تـُـلقـّنُ تقنياتٍ، وتشرحُ كيفيّة تعهّد الجسد. ولكن، في الشيولين الخاصّ بمدرسة بوذا، وبالتـّحديد في الدّين البُوذيّ، لا يُمكن تلقين ذلك. يبقى أنّ هذا ليس مُطلقـًا بالنسبة للجميـع، عديد الشّرائع الكُبرى من مدرسة بوذا تـحتوي عليه، وهو الحالُ بالنسبة لمذهبنا نحنُ. في مدرستـنا الفالون دافا، ينبغـي العملُ في نفس الوقت على الجسد واليـوان يـينق وهُـما شيئان مُختـلفان. اليـوان يـينق هو أيضًا جسد مُـكوّن من مادّة طاقـيّة عليا، ولكنه لا يستطيـعُ أن يتجلـّى ببساطةٍ في عالمنا ؛ إن كنـّا نـُريد المُـكوث لمدّة طويلة في هذا العالم بمظهر الناس العاديّـين، علينا امتلاك الجسد. لذلك بعد تحوّل هذا الجسد، رغم أنه قد تـمّ تعويـض الخلايا بمادّة طاقـيّة عُـليا، إلاّ أنّ نظام ترتـيبـها لم يـتعرّض لتـغيّـر ؛ لذلك يبـقى مظهر الجسد مُـماثلاً تقريـبًا لجسد إنسان عاديّّ. ولكن تـُوجد فـوارق بين الاثـنيـْن، هذا الجسد الجديـدُ بإمـكانهالدخـول إلـى عـوالـم أخـــرى.

 

إنّ ممارسة التعهّد المُزدوج لكِلا الرّوح والجسد تستطيـعُ أن تـُضفي طلعة ًشابّة ً، يبدو الممارس أصغر من سنـّه بكثير. في اليوم الماضي سألتني إحدى الممارسات: "أيّها المُعلـّمُ، كم من العُمر تـُعطيني ؟"، في الحقيقة لقد كانت تـُقاربُ السّبعين ولكنها تبدو في الأربعين. ليس في وجهها تجاعيد، بشرتها ملساء ولون وجهها مُـشرق ومُـتورّد، كيف يُمكن أن نـُصدّق أنها على عتبة السّبعين ؟ نعم هذا الأمر ممكنٌ بالنسبة لممارسينا في الفالون دافا. وعلى سبيل الدّعابة أسوقُ هذه المُلاحظة، البنات الشابّات يعتـنين كثيرًا بمُستحضرات التـّجميل وهُنّ يُردْن جعلَ بشرتهنّ أكثر إشراقــًا وأجملَ. وها أنذا أقولُ لكُنّ: لو تـُمارسْن بحقّ طريقة التعهّد المُزدوج للرّوح والجسد، ستصِلْن إلى تلك النتيجة بطريقةٍ طبيعيّةٍ، أؤكّدُ لكُنّ أنكنّ لن تحتجنَ مُجدّدًا لمُستحضرات التـّجميل. سنكتفي بهذا المثال في هذا الصّدد. في الماضي، كان يُوجدُ في كلّ مجالات المِهن الكثيرُ من العمّال المُـتقدّمون في السنّ، كانوا يُنادونني: "أيّها الشّابّ"، الوضعُ الآن أفضل من السّابق، حيثُ نجدُ المزيد من الشبّان بالمُقارنة. في الحقيقة أنا لستُ شابّا، سأبلغ الخمسين بعد سنواتٍ قليلةٍ وقد جاوزتُ عتبة الثلاثة والأربعين.

 

 

 

جسم الشرع "الفاشن،  Fashen "          

 

لماذا يوجد حقل من الطاقة حول تمثال بوذا ؟ الكثير من الناس لا يتوصّـلون لتفسير ذلك، البعض يقولون أنّ ذلك الحقل تكوّن من أثر ترتيل الرّهبان لـلسّوطرا أمامه، هذا يعني أنه مُحيط ناتج عن شيولين الرّهبان أمام هذا التمثال. ومهما يكُن إن كان الشيولين قد قام به رُهبان أو أشخاص آخرون، فإنّ الطاقة التي تنبعثُ من هؤلاء تنتشرُ في دائرة مُحيطهم ولا تذهبُ في اتـّجاهٍ مُعيّن، حقـلُ الطاقة يكون هو نفسُه على مُستوى أرض القاعة أو سقفها أو جُدرانها. إذن  لماذا لا يبدو هذا الحقل قويّا سوى حول تمثال بوذا ؟ يُوجدُ هناك دائمًا مثل هذا الحقل خاصّة ً حول تماثيل بوذا الموجودة في الجبال العميقة أو في الكُهوف أو المنحوتة في  الصّخور. من أين أتى هذا الحقل ؟ البعضُ يُفسّرُ وُجوده بطريقةٍ أو بأخرى ولكن لا يتوصّـلون إلى شيءٍ مُقنع. في الحقيقة وُجود هذا الحقل حول تمثال بوذا مَرَدّهُ أنّ جسمًا من أجسام الشرع التي تتبـعُ المُتحقق يُوجد فوقهُ. فاشن المُتحقق يُوجد هنالك، وحُضوره هو الذي يُضفي قدرًا من الطاقة.            

 

فيما يخُصّ ساكياموني وفيما يخُصّ البودهيساتفا أفالوكيتسفارا (قوانيين،Guanyin بوسا)، إن كانت هذه الشخصيّات قد وُجدت حقـّا في التاريـخ، ألم يكُونوا هم أيضًا ممارسين، عندما كانوا في مسار الشيولين ؟ عندما يبلغ المرءُ عبر الشّيولين مُستوًى مُرتفعًا جدّا في شو شي دجيان فـا فإنه تظهَرُ حينـئذٍ أجسام الشّرع. يتكوّنُ جسم الشّرع ويُولدُ في منطقة حقل الإكسير من الشّخص، وهو مُكوّن من "فــا" ومن "قونق"، وهو يتجلـّى في عوالم وسماوات أخرى غير عالمنا. يملِكُ الفاشن قوّة ً عظيمة ً يستمدّها من شخص المُتحقق، ولكنّ روح الفاشن وعقله هُما تحت مُراقبة الجسم الرّئيسيّ. هذا لا يمنعُ أنه يُمثـّـلُ حياة مُستقلـّة كاملة وفرديّة وذات وُجود حقيقيّ، لذا يستطيعُ أن يتصرّف بمـلء إرادتهِ. ما يقومُ به الفاشن يُوافق تمامًا ما يُريدُ الوعي الرئيسيّ (تسو ييشي) القيام به، تمامًا نفس الشّيء. عندما يقومُ إنسان بشيء مّا بطريقة مّا، فالفاشن يفعلهُ تمامًا بنفس الطريقة ؛ وهذا هو مفهوم الفاشن عندنا. عندما أنوي فعل هذا الشّيء أو ذاكَ، مثلاً تعديل جسم التلاميذ القائمين حقـّا بالشّيولين، فأنا أترُك التصرّف لأجسام الشّرع التي تتبعُـني.  وبمـا أنّ الفاشن لا يملـكُ جسـمًا بشريّـا عاديّـا، فهو يَـتجلـّى في عوالـم أخرى. هذا الكائـن ليس لديه حـجـمٌ ثابـتٌ، بل يستطيـعُ أن يصغـُرَ ويكبُـرَ كما يشاءُ. أحـيانـًا يُصبـحُ من الضّـخامـة بحيثُ لا نستطيـعُ رؤيـة رأس الفاشن كامـلاً ؛ وأحـيانـًا أخرى يُصبـحُ صغيـرًا جدّا، أصغـرَ من حجم الخليّة.

 

 

استدعاء روح بوذا في التـمثال (مباركة التـمثال) "كاي قوانق،Kai guang "

 

إنّ تمثال بوذا الذي صِيـغ َ في المصنع ليس إلاّ عملا فنيّا. الكاي قوانق يتمثل في استدعاء أحد أجسام الشرع لبوذا لتسكن في التمثال، وعندها يستطيـع الناس العاديّون أن يقوموا نحوه بشعائر التقديس والطاعة لأنه يُمثـّـل بوذا. عندما يكون قلب الممارس طافحًا حقـّا بالتقوى والعبادة فإنّ جسم الشرع في تمثال بوذا سيحميه ويرعاه ويكون له حافظـًا للشرع أثناء تعهّده وممارسته، هذا هو الهدف الحقيقيّ من الكاي قوانق. ولتتمّ هذه العملية بنجاح، يجب القيام بالشّعائر مع الحفاظ على استقامة التفكير، أو أن يقوم بهذه الشعائر متحقق ذو درجةٍ عاليةٍ جدّا، أو شخص يتعهّد ويمارسُ على مستوى عال جدّا ولديه القدرة والقوّة على ذلك.

 

في المعابد يقولون دائمًا أنه يجب القيام بـالكاي قوانق، وأنّ تماثيل بوذا التي لم تتلقّ عملية المباركة هذه هي عديمة القدرة. ولكن فيما يخصّ الرّهبان، لا نجد اليوم في المعابد شيوخـًا ومعلـّمين كبارًا وحقيقيّين، كلـّهم رحلوا عن هذا العالم. بعد "الثورة الثقافية الكبرى"، بعض الرّهبان العاديين الذين لم يتلقـّوْا تبليغـًا حقيقيّا أصبحوا رؤساء مسؤولين عن المعبد، وهكذا فـُـقـِدت عناصر هامة من السّـلسلة. لو نسأل هؤلاء عن الغرض من الكاي قوانق على التمثال سيُجيبون أنّ هذه العمليّة تـُكسبه قـُوىً وقدراتٍ. ولكن كيف يكتسب القدرات، هذا ما لا يستطيعون الإجابة عنه ؛ لذلك هم يكتفون بالقيام بالأمور الشكلية أي المراسم، فيضعون نصّا صغيرًا من السّوطرا داخل تمثال بوذا ويـُغلقون الفتحة بإلصاق بعض الورق، ثمّ يُغمغمون السوطرا أمامها وبعد ذلك يقولون أنهم قاموا بالكاي قوانق. ولكنّ مراسمهم هذه هل هي كافية لتحقيق الكاي قوانق ؟ هذا يتعلـّق بمدى وكيفية ترتيلهم للسّوطرا. ساكياموني كان يدعو إلى "التفكير المستقيم" أي أنّ القائم بالمراسم يجب أن يُـنشدَ النصّ المقدّس بتركيز ذهنيّ كامل لا يشوبه شيء، هكذا فقط يمكن أن يهُـزّ سماء المذهب الذي ينتمي إليه ويستجلب المتحقق. ولا يكون الكاي قوانق تمّ بنجاح إلاّ عندما يأتي فاشن المتحقق ويحُـلّ في التمثال.

 

بعض الرهبان يُرتـّل السّوطرا وفي قرارة نفسه يفكّر: "كم من المال سيُعطونني مقابل الكاي قوانق ؟"، البعض الآخر يستغرق في التفكير في نفسه وكيف أن حالته سيّئة وكيف أنّ الآخرين لا يُعاملونه كما ينبغي ؛ العديد منهم يمضون وقتهم في حبك الدسائس لبعضهم البعض ؛ نعم، وهذا لا مفرّ منه، نحن في فترة نهاية الشرع ، من المستحيل ألاّ نجد مثل هذه الظواهر، لا أقول هذا لأنتقد البوذية ولكنّ المعابد في فترة نهاية الشرع هذه فقدت حقـّا السّلام والطمأنينة. عندما تكون النفس مليئة بهذا النوع من الأشياء، وبأفكار سيّئة إلى ذلك الحدّ، كيف لمُـتحقق أن يأتي ؟ وهكذا لن يستطيعوا أبدًا تحقيق الهدف من الكاي قوانق. ولكنّ هذا ليس مُطلقــًا، لا تزال هناك بعض المعابد البوذية والطاوية الجيّدة.

 

رأيت في إحدى المدن أحد الرّهبان، كانت يداهُ سوداوان، وكانَ يدسّ نصّا من السّوطرا داخل تمثال بوذا ثم يُغلق المنفذ  بالغراء دون عناية، ويُغمغم بعض الكلمات، وهذا هو الكاي قوانق قد انتهى ؛ ثمّ يأخذ تمثالا آخر ويُعيد نفس الشيء، وكان ثمن العمليّة للتمثال الواحد 40 يوان. حاليّا، الرهبان يتاجرون بـالكاي قوانق، لقد أصبحت عمليّة مباركة تماثيل بوذا وسيلة للإثراء. لقد رأيت جيّدًا أن التماثيل لم تتـلقّ الكاي قوانق، من المستحيل تحقيقه بتلك الطريقة. نعم، الرهبان اليوم يذهبون إلى حد التجرّؤ وارتكاب هذا النوع من الأشياء. ماذا رأيت أيضًا ؟ كان هناك في معبد رجل يبدو أنه بوذي لاييكيّ وكان يدّعي أنه سيقوم بـالكاي قوانق على تمثال بوذا . كان يأخذ مرآة ً ويُوجّه صفحتها قبالة الشمس بطريقة تجعل الأشعّة تـنعكس على التمثال، ثم يُعلن أنّ الكاي قوانق قد تمّ. هذا يدعو للاستهزاء إلى حدّ كبير ! لقد وصلت البوذية اليوم إلى هذا الحدّ من التـّدهور، بل وإنّ الظاهرة شائعة جدّا.

 

لقد صنعت مدينة "نانجينغ، Nanjing " تمثالاً كبيرًا لبوذا من النحاس، ونصّبته فوق جبل "دايو، Dayu " في هونغ كونغ، إنه تمثال عملاق. الكثير من الرّهبان قدموا من كلّ أنحاء المعمورة ليشهدوا احتفالات ومراسم مباركة التمثال ؛ كان أحدهم يُمسك في يده مرآة و يُميلـُها ليعكس أشعّة الشمس على وجه التمثال، هذا هو الكاي قوانق ! في مُلتقىً بمثل تلك الأهمّية وفي مناسبة قدسيّة كتلك، تحدث مثل تلك الأفعال، أنا أجد هذا مُـؤسفـًـا حقـّا ! نفهم الآن مغزى كلام ساكياموني عندما قال أنه في فترة نهاية الشّرع سيكون من الصّعب على الرّهبان أن يحصلوا حتـّى على الخلاص لأنفسهم فضلاً عن تخليص الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الرهبان الذين يُأوّلون السّوطرا حسب وجهات نظرهم الخاصة ؛ نجد في المعبد حتى أسماء مثل ناموس الملكة "فانقمو، Wangmu "، نجد أيضًا العديد من العناصر الغريبة عن نواميس البوذية، كل شيء مُحرّف ومُشوّه، وفوضى كبيرة تعُمّ السّاحة حاليّا. طبعًا لا يزال هناك رهبان يتعهّدون ويمارسون بحقّ، وهم ممتازون. إنّ الكاي قوانق يتمثل في الواقع في استدعاء أحد أجسام الشرع لمُتحقق كبير ليسكن التمثال، هذا هو ما يُفضي إليه الكاي قوانق.

 

إن لم يُطـَبّـق الكاي قوانق على التمثال، لا يُمكن تقديسهُ، إن وقع تقديسهُ سينطوي ذلك على عواقب وخيمة جدّا. ما هي هذه العواقب الوخيمة ؟ لقد اكتشف الباحثون العلميّون اليوم في دراساتهم حول الجسم البشري أنّ أفكار الإنسان ونشاطه الدّماغي يمكن أن يُكوّنا مادّة ً. من مستوىً عال جدّا، نحن نرى فعلاً أنها نوع من المادّة، ولكن هذه المادّة ليست مُكوّنة من الموجات الكهرودماغيّة التي عاينها الباحثون، بل تأخُـذ شكل الدّماغ برُمّته. بصفة عامّة ما يُنتجه الناس العاديّون في حياتهم اليوميّة عندما يُفكّرون هوعلى شكل دماغ بشريّ، ويتلاشى بعد وقت قليل من تكوّنه لأنه تنقصُه الطاقة ؛ ولكنّ طاقة المُمارس يمكن أن تجعلهُ يدوم وقتــًا أطول. هذا لا يعني أن التمثال عند خروجه من المصنع كان مُزوّدًا بفكر، ليس كذلك. بالنسبة لبعض التماثيل، هي لا تتلقـّى أبدًا الكاي قوانق، حتـّى ولو يحملونها للمعابد، لا يقعُ الكاي قوانق. والأمر يُصبحُ أخطرَ لو نطلبُ من معلـّم تشيكونق مُزيّف أو خرّيـج مذهب شيطانيّ أن يقوم بـالكاي قوانق، ساعتها ربّما سيُحلّ الثعلب أو ابن عرس في التمثال.

 

إذن لو تـُقدّسون تمثال بوذا الذي لم يتـلقّ أبدًا الكاي قوانق، هذا خطير للغاية. إلى أيّ حدّ ؟ لقد سبق وأن قلتُ لكم أنه أثناء تطوّر الإنسانيّة وُصولاً إلى يومنا هذا، كلّ شيء آخذ في الفساد، كلّ المجتمع، كلّ ما يُعمّر الكون يفسُدُ تدريجيّا، كل ما يحدُث للناس العاديّين هو نتيجة أفعالهم. العثور على الشّرع الحقّ، اتـّخاذ الطريق الحقّ، كل هذا صعب جدّا لأن مُضايقاتٍ وتعطيلاتٍ تأتي من جميع الجهات. نـُريد أن ندعوَ بوذا ولكن من هو بوذا ؟ عبثـًا سندعوه، سيكون الأمر صعبًا جدّا. سأفسّر لكم الأمر إن لم تـُصدّقوا ذلك: تمثال بوذا الذي لم يتـلقّ الكاي قوانق يُمكن أن يُسبّبَ أكبر الضّرر لأوّل شخص سيسجُد أمامه. ضمن الناس الذين يعبدون بوذا حاليّا، كم عدد الذين يُـنادونه وفي قلوبهم توق حقيقيّ لتحصيل ثمرة الكمال ؟ مثلُ هؤلاء الأشخاص نادرُ جدّا. ما هي غاية أغلبيّة الذين يعبدون بوذا ؟ تلافي الأخطار، القضاء على الصعوبات والعراقيل، والإثراء ؛ هذا ما يصبُون إليه. هل يوجدُ هذا في النواميس البوذية ؟ إنها لا تحتوي شيئًا من هذا القبيل.

 

لو يُصلـّي رجل للبوذا من أجل الحصول على المال، سيتكوّن شكل فكرة كاملٌ لحظة سجوده أمام تمثال بوذا، أو أفالوكيتسفا أو أيّ تاتهاقاتا وهو يقول: "هل لك أن تـُساعدَني على أن أربح بعض المال ؟"؛ لقد تكوّنت فكرة كاملة في حينها، وبما أنها كانت مُوجّهة إلى تمثال بوذا، فإنها تـثِـبُ حالا إلى التمثال وتسكُـنه. هذا الكائن الذي يوجد في بُعدٍ آخر يستطيـعُ أن يكبُرَ ويصغـُرَ، إذن عندما يحطـّ شكل الفكرة هذا على تمثال بوذا، فمن هنا وصاعدًا، هذا التمثال يملك دماغـًا وأفكارًا ؛ ولكن ليس له جسم بعدُ. ثم يسجُد آخرون ويُصلـّون له، ومع تكرّر الصّلوات، هناك طاقة تزدادُ شيئًا فشيئًا. وهذا يُصبح أكثر خطورة لمّا تكون الصّلواتُ مصدرُها الممارسون، صلواتهم تـُعطيه الطاقة تدريجيّا، عندها سيُكوّن جسمه الخاصّ به. إذن يُكوّن التمثال جسمًا ظاهرًا، ولكنّ هذا الجسم الظـّاهر يتجلـّى في عالم آخر. وبمعيّة هذا الشكل يمكُث هناك في ذلك العالم، ويُمكن أن يطـّلعَ على بعض قوانين الكون، ويُصبح إذن قادرًا على تحقيق بعض الأشياء للإنسان، وهكذا يُمكن أن يُنمّي بعض القونق، ولكنّ المساعدة التي سيُقدّمها للإنسان هي مُساعدة مشروطة وتطلـُب المُقابل. في العالم الآخر هو يتنقـّـلُ بحُرّية ومن السّهل عليه فعلاً أن يُسيطر على الناس العاديّين. ذلك الجسم الظاهر هو نسخة وفيّة لصورة تمثال بوذا ؛ إذن فإنّ تلك الصّلوات خلقت أفالوكيتسفارا مزيّفـًا أو تاتهاقاتا مزيّفـًا، لقد خرجوا إلى الوجود نتيجة لتقديس الإنسان، إنّ لديهم نفس شكل تمثال بوذا وصورة بوذا. ولكن هذا البوذا المزيّف أو البودهيساتفا المزيّف لديه روحٌ شرّيرة، إنه يسعى وراء المال. لقد وُلدت حياته في العالم الآخر، كما أصبح يتمتـّعُ بعقل، إنه يعرفُ القوانين قليلاً، لذلك هو لا يُغامرُ بارتكاب سيّئات عظيمة ولكنه يجرُؤُ على ارتكاب الصّغيرة منها. في بعض الأحيان أيضًا يُسدي خدمة للإنسان، إن كان لا يُسدي أيّ خدمة للإنسان سيكون شيطانيّا تمامًا وسيُقـتلُ. كيف يُسدي خدماته ؟ هذا الشخص أو ذاك يقول: "أنا أتوسّل لبوذا أن يمُدّ لي يد المُساعدة، إنّ أحد أفراد أسرتي مريض". حسنـًا، يُساعدُه. ثمّ يُسوّل له أن يضع بعض النقود في صندوق العطيّات، لأنّ نفسَهُ لا تتوقُ سوى للمال. كُلـّما وُضِعت كمّية أكبر من النقود في الصّندوق، كُلـّما أسرع في مُداواة المريض. ولأنه مُزوّد ببعض الطاقة فيُمكنه في العالم الآخر أن يكون لديه نفوذ وسُلطة على إنسان عاديّ. والأسوأ من ذلك كلـّه لو قدِمَ ناسٌ مُزوّدون بالقونق ليُصلـّوا لهُ، سيكون ذلك خطيرًا فعلاً. ماذا يطلب منه المُمارسون ؟ المال. تأمّلوا، كيف لِمُمارس أن يسعى وراء المال ؟ بل إنّ مُجرّد الدّعاء من أجل إزالة  أمراض الأقارب وأحزانهم هو تعلـّق، تعلـّق بشعور القرابة العائليّة. تـُريدون أن تـُسيّروا أقدار الآخرين ! لكلّ قدرُهُ ! تـُريدون تقديسهُ والصّلاة له فقط بهذه العبارة: "ساعدني على الإثراء". حسنـًا، هو يُساعدُكَ، إنه لا يفرحُ مقدار فرحِهِ عندما تطلبُ منه كثيرًا من المال ؛ إن طلبتَ منه الكثير سيأخُذ منك الكثير، إنها مُقايضة عادلة. هناك الكثير من المال الموضوع من أجله في صندوق العطيّات، سيُربحُـكَ إيّاهُ. كيف كذلك ؟ يُمكن أن تجدَ في طريقك حافظة نقود، أو تحصُلَ على زيادة في المنحة في مُؤسّسة عملك، على كلّ حال سيفعلُ كلّ ما في وُسعِهِ ليجعلَكَ تغنـَمُ المال. ولكنه لن يُساعدك مجّانـًا، أليس كذلك ؟ ليس هناك رِبحٌ دون خسارة، إنّ القونق ينقصُهُ، لذلك هو يأخُذ شيئًا من الذي عندك، أو يستحوِذ على إكسيرِكَ (الدّان) أو أيّ إحدى ثمار ممارستِكَ، هذا هو ما يُريدُه.

 

هؤلاء البوذا المُزيّفون يُمثـّلون في بعض الحالات خطرًا حقيقيّا. الكثير منـّا ممّن عيونهم الثالثة  مفتوحة يستطيعون رُؤيتهم ويحسَبونَ أنهم رأوْا بوذا حقيقيّين. أحدُهم يروي أنّ جمعًا من البوذا أتى اليوم إلى المعبد، وكان يترأسهم البوذا المُسمّى بكذا أو كذا. وهو يصِفُ أيضًا كيف كان الجمع الذي أتى البارحة، وكيف هو الجمع الذي أتى اليوم. مجموعة تذهب وأخرى تعقِـبُـها. ما كان ذلك ؟ إنهم هذا الصّنف بالتـّحديد. إنهم ليسوا بوذا حقيقيّين، بل بوذا مُزيّفون، ويُوجدُ منهم عددٌ كبيرٌ جدّا.

 

إن حدثت هذه الظاهرة في معبدٍ، فالخطرُ يكون أكبر. عندما يُـقدّسُه الرّهبان، سيأخُـذهم في عُهدته: "ألستَ تسجُدُ لي لتدعوني ؟ إنك تعبُـدُني وأنت في تمام وعيك ! حسنـًا، أنت تـُريدُ التعهّد والممارسة، أليس كذلك ؟ سأعتني بك وأوجّهُك في ممارستك." ثمّ يقول له ما ينبغي فعلـُه، إذن، عندما تصِلون إلى نهاية ممارستكم ، أين ستذهبون ؟ بما أنه هو الذي يُسيّركم، لن يقبلكم أيّ فامان في العالم العُلويّ. بما أنه هو الذي يُسيّركم فقد وضعتـُم مُستقبلكم بين يديه، كلّ الشّيولين الذي قمتم به ذهب سُدًى. ها أنذا أقول لكم: في أيّامنا هذه، من الصّعب، بل من الصّعب جدّا على الكائنات البشريّة الوصول إلى ثمرة الكمال عبر الشّيولين. إنها ظاهرة شائعة جدّا ؛ داخل الجبال الشّهيرة أو على ضفاف الأنهار الكبيرة، الكثيرُ منا رأوْا بوذا تـُحيط بهم هالة، إنهم في أغلب الأحيان ينتمون لذلك الصّـنف، هذه المخلوقات تتمتـّعُ بقدر من الطاقة وتستطيـع أن تتجلـّى بطريقة محسوسة. المُتحققون الحقيقيّون الكبارُ لا يظهرون أبدًا ببساطة.

 

في الماضي كان الذين يُسمّوْن "البوذا الأرضيّون" أو"مُعلـّموا داوُو الأرضيّون" عددهم قليل، ولكن في أيّامنا هذه توجدُ منهم أعداد كبيرة. عندما يقترفون أمرًا سيّئًا، يُريد أهل السّماء قتلهم ؛ فيُهرولون نحو تمثال من تماثيل بوذا للـّجوء إليه. بصفةٍ عامّةٍ المُتحققون الكبار لا يتدخّـلون ببساطةٍ في نظام حياة الناس العاديّين، كلـّما كان مستوى المُتحقق عاليًا كلـّما نـدُرَ تدخّـله في شؤون الناس العاديّين، بل هو لا يتدخّـلُ أبدًا. لذلك هم لن يعمَدُوا أبدًا إلى تحطيم تمثال بوذا بغتة بصعقة بعض البروق، لا يتصرّفون بتلك الطريقة ؛ وهكذا هم يتركون المُطاردة عندما يختبِئ المُطاردون في تماثيل بوذا. إنهم يُحسّون بسرعة عندما يُرادُ القضاء عليهم، ويفرّون حالا. وهكذا هذه البودهيساتفا أفالوكيتسفارا التي ترونـَها هل هي حقـّا البودهيساتفا أفالوكيتسفارا ؟ والبوذا الذي ترونـَهُ هل هو حقـّا بوذا ؟ من الصّعب الجزم بذلك.

 

الكثير منا سيتساءلُ إذن عمّا يمكن أن يفعله بتمثال بوذا الذي يملِكُه في المنزل. الكثير يمكن أن تـُخامرهم فكرة الالتجاء إليّ. من أجل مساعدة تلاميذنا في تعهّدهم وممارستهم، ها أنا أرشِدُكم إلى طريقة يمكن اتـّباعُها: خُذوا كتابي (لأنه يحتوي على صورتي) أو صورة ً لي، ثمّ أمسكوا تمثال بوذا وشكّلوا بأيديكم وضعيّة اللـّوتس الكبرى، إثرها ادعوا المعلـّم، كما لو كنتم في حضوري، أن يقوم بـالكاي قوانق. في ظرف ثلاثين ثانية سيكون الأمر قد تمّ. ولكن أريدُ أن أنبّهكم: هذا الأمر مقصور على ممارسينا، لن يتمّ شيء بالمرّة عندما تطلبون هذا الكاي قوانق لأصدقائكم وأقاربكم، نحن لا نهتمّ سوى بالممارسين. البعض يقول أنه بالإمكان إيداع صورة المعلـّم لدى الأصدقاء والأقارب لطرد الشّياطين والأرواح الشّرّيرة عنهم، أنا لستُ هنا لأطرُدَ الشّياطين عن الناس العاديّين، إنّ في هذا سوء أدبٍ شديدًا وأكبر انتهاكٍ لحرمة المُعلـّم.

 

أتابـعُ حديثي في شأن البوذا الأرضيّين ومُعلـّمي داوُو الأرضيّين. هناك أمر آخر أيضًا، في الصّين القديمة، كان الكثيرُ من الناس يتعهّدون ويمارسُون في الجبال المُـنعزلة والغابات العميقة. لماذا لا نـُصادف مثلهم اليوم ؟ في الحقيقة هم لم ينقطِعوا، وإنما هم لا يُريدون أن يعلمَ الناس بوُجودهم، هم لا يزالون بنفس الأعداد التي كانوا بها في الماضي وهم يمتلكون جميعهم قدرات وخوارق القونق. إنهم لم يختفوا طوال هذه السّـنين الأخيرة بل جميعهم موجودون، وعددهم يبلـُغ بضعة آلاف منتشرين عبر العالم، وقسمٌ كبيرٌ منهم يُوجدُ في بلدنا. إنهم يعيشون خاصّة على قِمم الجبال الشّهيرة وعلى ضفاف الأنهار الكبيرة، وهناك منهم داخل بعض الجبال الشّاهقة. وقد ختموا على مغاراتِهم بواسطة قدرات القونق، لذلك لا يعلمُ أحدٌ بوجودهم. هم يتعهّدون ويُمارسون بدون تحقيق تقدّم سريـع، وسائلهم يغلِبُ عليها التعثــّر، لأنهم لا يتوصّـلون إلى فهم جوهر الشّيولين. بينما نحنُ، نحن نستهدفُ مباشرة قلب الإنسان، ونتعهّد ونمارسُ وفق الطبـع الأعلى للكون، ووفقـًا لشكل ومظهر الكون، لذلك من الطبيعيّ أنّ القونق الذي لدينا سينمو بسرعة. إنّ مذاهب الشّيولين تتجلـّى في شكل هرَم، وحدها الطريق الوُسطى هي الطريق الكُبرى ؛ بينما الطرق الصّغرى الفرعيّة تـُمارس طريقة لا تستدعي طبيعة أخلاقيّة ونفسيّة عالية وربّما يقعُ إطلاق القونق بدون ضرورة بلوغ درجة مرتفعة جدّا، ولكنّ هذه الطرق تبقى بعيدة جدّا عن الطريق الكُبرى للشّيولين الحقيقيّ.

 

مُعلـّمو هذه الطرق الصّغرى يتـّخذون هم أيضًا تلاميذ ويُلقـّـنونهم المعرفة. بما أنّ مذهبهم لا يُمكّنُ من الوصول سوى لدرجةٍ محدودةٍ من الشّيولين، وبما أنّ طبيعتهم النفسيّة والأخلاقيّة لا تستطيعُ أن تتجاوز تلك الدّرجة المحدودة فإنّ تلاميذهم يتعهّدون نحو تلك الدّرجة بذاتها. وكلـّما كانت تلك الطرق الصّغرى فرعيّة، كلـّما كانت تعُجّ بالنظريّات وكلـّما كانت الممارسات التي تنـُصّ عليها مُعقدة، وهي لا تستطيـع فهم الأساس من التعهّد والممارسة. إنّ أساس شيولين الإنسان يكمُنُ في تعهّد الطبيعة الأخلاقيّة والنفسيّة، في تلك الطرق، لم يُدركوا هذه النقطة، إنهم يظنـّون أنّ تحمّل الآلام والعذاب كفيلٌ وحدهُ بتحقيق الشّيولين. لهذا يستغرقون وقتاً طويلاً، مئات السّـنين، بل أكثر من ألف سنة لِيـُنمّوا قليلاً من القونق. في الحقيقة ليست المِحنُ التي يمُرّون بها هي التي ولـّدت القونق، إذن كيف يتعهّدون ؟ إنّ مَثلهُم مَثل رَجُل كان في شبابه يملكُ الكثير من الرّغبات والتعلـّقات، ولمّا دخل طور الشّيخوخة وبعد انقضاء كلّ تلك السّـنين من عمره، لم يعُد ينتظرُ شيئًا من المُستقبل، لذلك ينفصِلُ بطريقة طبيعيّة عن روح التعلـّق وهذه الأخيرة تتلاشى تدريجيّا. هذا هو المسار الذي تتوخـّاهُ تلك الطرق. لقد اكتشفوا أنه من الممكن تنمية القونق بواسطة تمرين الجلوس والتأمّـل، وبفضل قوّة التـّركيز وبتحمّل الآلام القاسية. ولكن مع ذلك لا يُدركون أنّ روح التعلـّق التي تـُميّزُ الإنسان العاديّ لم تمّح عندهم إلاّ تدريجيّا وعلى مدار السّـنين الطويلة المُضنية وأنّ القونق الذي بحوزتهم لم يكبُر إلاّ بعد تخلـّيهم عن روح التعلـّق.

 

نحنُ لدينا أهداف واضحة، إننا نرمي مباشرة إلى هذا القلب، ونستأصِلُ روح التعلـّق منه. بهذه الطريقة تتقدّمُ الممارسة بنسق سريـع جدّا. لقد زُرتُ بعض الجهات وقابلتُ مِرارًا ناسًا من ذلك الصّنف: ناسًا تعهّدوا على ذلك النـّحو لِمُدّة سنين طويلة. هم يقولون أيضًا: "لا أحَدَ يعلمُ بوجودنا، نحن لا نتدخـّلُ في شُؤونكم ولن نـُزعجكم". إنهم أناسٌ جيّدون عمومًا.

 

ولكن منهم أيضًا غير الجيّدين ونحنُ نتـّخِذ إجراءاتٍ لإقصائهم. ولْـنذكُرْ مثلاً: أثناء الفترة الأولى من قيامي بتبليـغ الطريقة بـ"قيشو"،  وأثناء الدّروس التكوينيّة، أتى أحدُهم إليّ وقال لي أنّ شيخه الأكبر يرجو مُقابلتي، وأنه الشّيـخ المدعُوّ بكذا، وأنه تعهّد ومارس لسنين طويلة جدّا. كنتُ أرى هذا الشّخص يكسُوهُ تشي يين طيفيّ، سقيم ومُتردّي ووجهه شاحب ومُمتقِـع. فرفضتُ الدّعوة مُـتعلـّلا بضيق الوقت. فما كان من هذا "الشّيخ الأكبر" إلاّ أن استاء وشعُرَ بالإهانة. فجعل يُسبّبُ لي المتاعب، وصارَ يُزعجُني كلّ يوم. أنا من طبعي لا أحبّ المنافسة مع الآخرين، وعُمومًا هو لم يكُن يستحقّ أن أتجشّم عناء التـّصارُع معه. كنتُ عندما يُرسلُ نحوي أشياء خبيثة، أبدّدُها ثمّ أواصلُ دعوتي إلى الشّرع.

 

فيما مضى، وفي ظلّ الأسرة الحاكمة "مينغ، Ming " كان هناك ممارس طاويّ، قد تملـّـك به ثعبان أثناء تعهّده ؛ ثمّ مات هذا الشّخص دون أن يُكمـِل الشّيولين بنجاح ؛ فاستحوذ الثعبان حينئذٍ على جسد الممارس، وعند نهاية تعهّده وممارسته حصل على الهيئة البشريّة. الشّيخ الأكبر للشّخص المذكور في البداية لم يكُن سوى الهيئة البشريّة لذلك الثعبان والتي حصل عليها بواسطة الشّيولين. ونظرًا لكون طبيعته الحقيقيّة لم تـتغيّر قطـّ، فقد استحال من جديدٍ إلى ثعبان عملاق ليُسبّب لي العراقيل. ولمّا رأيتُ أنه قد ذهب بعيدًا في تطاوُله، أمسكتُ به في قبضتي واستعملتُ قونق قويّا جدّا يُسمّى بـ" قونق الإذابة" فأذبتُ النصف الأسفل من جسده مُحوّلاً إيّاه إلى ماءٍ، أمّا النصف الأعلى فقد لاذ بالفرار.

 

في أحد الأيّام، تلقـّت المسؤولة عن مركز الممارسة بـ"قيشو" خبرًا من أحد مُريديه الشّباب يُفيدُ أنّ شيخه الأكبر يُريدُ مقابلتها فلبّت المسؤولة هذه الدّعوة، ولكنها عندما ذهبت وحال دُخولها للمغارة، غرقت في ظلمة دامسة، لم تكُن تـُبصر شيئًا وترائت لها بالكاد هيئة شخص قابـع هناك وعيناه تـُرسلان ضوءًا أخضر، كانت المغارة تـُضيءُ عندما يفتحُ عينيه وتعودُ من جديدٍ حالكة ً عندما يُغمضهما. وقال لها بلهجة أهل المنطقة: "إنّ "لي هونق جي" سيعودُ، وهذه المرّة لا أحد سيجرُؤُ على التصرّف كما تصرّفتُ، لقد أخطأتُ، إنّ "لي هونق جي" قادم وهو يحمل معهُ الخلاص للإنسان". فخاطبه مُريده قائلاً: "أيّها الشّيخ الأكبر، انهض، ما لِساقيك ؟" فأجاب: "لا أستطيعُ النـّهوض، ساقاي مُصابتان". ولمّا سُئلَ كيف أصيبَتْ ساقاهُ، أخذ يروي كلّ الحكاية وأمْرَ إعاقته. أثناء معرض الصّحة الشرقيّ الذي انعقد ببيكين في 1993، عاد يتسبّب لي في  العراقيل من جديدٍ، لم يكُفّ إذن عن ارتكاب التجاوزات واستمرّ في تعطيل دعوتي لـدافـا، حينها اضطـُررتُ لتدميره تمامًا وإبادته. بعد هذه الإبادة أراد مُريدوه، كبارهم وصغارهم، ردّ الفعل. في ذلك الوقت توجّهتُ إليهم ببعض الكلمات ارتاعوا منها جميعًا وتوقّــّفوا إثرها عن التحرّك لا يجرُؤُ أحدٌ منهم على فعل أيّ شيءٍ فقد فهموا خطورة الموقف فعلاً. البعضُ منهم قد بقوا أناسًا عاديّين لا غير رغم تعهّدهم لفترة طويلة. كانت تلك أمثلة ذكرتـُها عن الكاي قوانق.

 

 

 

فرع "تسويو كو،  Zhuyou ke "           

 

ما هو فرع "تسويو"(ممارسات السّحر والتـّمائم) ؟ في أوساط الشّيولين وأثناء تلقين طرق ممارستهم، الكثير من الناس يُلـقـّـنون معها الـتسويو كو كجزءٍ لا يتجزّءُ من الشّيولين. ولكن في الحقيقة لاينتمي الـتسويو كو إلى مجال الشّيولين. وسائل تلقينه تتمثل في وصفات سرّية وتعازيم وتقنيات. تتمثل أشكال ممارسته في رسم رموز طلسميّة، إشعال البخور، إحراق الأوراق، التـّلفـظ بتمائم، الخ. وهو بإمكانه معالجة الأمراض بطرق خاصّة به. مثلاً، إن كان أحدهم لديه دُمّـلٌ على وجهه، يرسمون دائرة على الأرض بريشةٍ مغموسةٍ في حبر الزّنجفر، ثمّ يرسمون داخلها علامة ويضعون الشّخص واقفـًا في وسط الدّائرة ويشرعون في ترديد تمائم ؛ ثمّ بواسطة الرّيشة، يرسمون دوائرعلى وجهه، بدون التـّوقف عن ترديد التـّمائم ؛ وفي النهاية، يرسمون نقطة على الدمّـل وفي نفس الوقت يكفـّون عن التـّمائم ويقولون لكَ أنك شُفيتَ. فتلمسُ الدمّـل وتجدُهُ فعلاً قد تضاءل حجمه ولا يُؤلمُ كالماضي، إذن فقد نجح العلاج. نعم، بإمكانهم مُداواة هذا النوع من الأمراض البسيطة، ولكنهم إزاء مرض خطير لا يستطيعون فعل شيءٍ. كيف يتصرّفون إن كنتَ تشكو من ألم في ذراعك ؟ يبدؤون في غمغمة تمائم وتعازيم، ويطلبون منك أن تمُـدّ ذراعك، ثمّ ينفثون الهواء على نقطة الميريديان "هيقو، hegu " في يدٍ ويُخرجونه من نقطة "هيقو" في اليد الأخرى. ستـُحسّ وكأنّ تيّارًا من الهواء قد اخترقَـكَ. عندما تلمسُ ذراعك، ستجدُ أنها لم تعُد تـُؤلم كالأوّل. هم يستعملون أيضًا طرُقـًا أخرى مثل إحراق الأوراق، كتابة رموز طلسميّة، إلصاق رموز طلسميّة مكتوبة على الورق...الخ. هذا ما يفعلونهُ.

 

 الطرق الدنيويّة الصّغرى في المدرسة الطاويّة لا تتحدّث عن تعهّد الجسد، بل تـُمارسُ بدل ذلك التـّـنجيم عن طريق السّداسي، ضرب الرّمل، طرد الأرواح الشّرّيرة والمُداواة. غالبًا ما تستعملُ الطرق الدنيويّة كلّ هذا. إنها تستطيـعُ في نهاية الأمر أن تشفي الأمراض ولكنّ الوسائل التي تستخدمُها ليست جيّدة. لن نكشِفَ هنا عمّا تستخدمه لتـُعالج الأمراض، ولكن مهما يكُنْ، على مُمارسينا في الدّافـا أن يتجنـّبوها لأنها تحمِلُ آثارًا سُفليّة وسيّئة جدّا. في الصّين القديمة، كانوا يُبـوّبون الوسائل العلاجيّة إلى أقسام مُختلفة، مثلاً: الجبْرُ، الوخزُ بالإبَر، العلاج بالكيّ، التـّدليك، العلاج عبر الضّغط بالأصابع على مواطن الألم، طرق علاج التشيكونق، العلاج بالنـّباتات الطبـيّة...الخ. وهكذا كانوا يعُدّون منها أنواعًا كثيرة ً. كلّ صنفٍ من طرق المُداواة كان يُسمّى فرعًا "كو، Ke " والتسويو كو كان في المرتبة الثالثة عشر. لذلك فإنّ تسميتهُ الكاملة هي "تسويو، الفرع الثّالث عشر". إذن فتسويو كو لا يدخُل في إطار الشّيولين، إنه ليس بقونق نتحصّـلُ عليه عبر الشّيولين، بل هو ينتمي إلى تقنيات السّحر.